نشأة والتطور التاريخي لجهاز الرقابة المالية
تعد سوريا من أوائل الدول العربية التي اهتمت بالرقابة المالية، ولاسيما الرقابة المالية العليا القضائية. فقد تبنى الدستور السوري لعام /1920/ إيجاد هيئة رقابة مالية عليا قضائية، أطلق عليها اسم "ديوان المحاسبات"، ونظم الخطوط العريضة لهذه الهيئة، والتي تتعلق بتعيين أعضاء الديوان، وحصاناتهم، وعلاقات الديوان بكل من السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وإذا كانت هذه الهيئة لم تجد طريقها إلى التطبيق بفعل قوى الانتداب الفرنسي، فإن الدستور السوري لسنة /1930/ الذي وضع على أثر ثورة عام 1925 تعرّض إلى إنشاء ديوان المحاسبات، عندما نصت مادته رقم (103) على أن: "... يوضع قانون خاص لإنشاء ديوان المحاسبة للنظر في جميع المداخيل والمصاريف ويكون هذا الديوان مستقلاً ولا يعزل أعضائه إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون وبعد موافقة مجلس النواب".
وقد صدر قانون ديوان المحاسبات الذي أشار إليه دستور عام /1930/ في سنة 1938 وبرقم /38/.
حيث نصت مادته الأولى على: (يؤلف ديوان المحاسبات المنصوص عليه في الدستور السوري ووفقاً لأحكام هذا القانون). وجاء في مادته رقم /3/ (رئيس الديوان وأعضاؤه يقومون بأعمالهم نيابة عن السلطة التشريعية وهم مسؤولون أمام المجلس النيابي وحده)
وبموجب المرسوم التشريعي رقم /153/ تاريخ 8/12/1940 بدأ العمل بالقانون /38/ اعتباراً من أول عام 1941.
• بتاريخ 19/4/1952 وبعد الاستقلال، صدر المرسوم التشريعي رقم /207/ المتضمن إنشاء ديوان المحاسبات، حيث تم إلغاء القانون /38/ مع كافة تعديلاته. وقد نصت مادته الأولى على: (يؤلف ديوان المحاسبات المنصوص عليه في المادة السابعة والأربعين بعد المائة من الدستور السوري وتحديد اختصاصاته وفقاً لأحكام هذا القانون).
وجاء في المادة /2/ منه: (ديوان المحاسبات هيئة عليا مرتبطة بمجلس النواب مباشرة).
وفي المادة /3/ (رئيس ديوان المحاسبات وأعضاؤه يقومون بأعمالهم نيابة عن السلطة التشريعية وهم مسؤولون أمام هذه السلطة وحدها وفقاً لأحكام هذا القانون).
• وبعهد الوحدة بين سورية ومصر (1958 – 1961) أعيد النظر بقانون الديوان ليطبق على القطرين معاً.
حيث صدر القانون /230/ بتاريخ 17/7/1960 المتضمن إنشاء قانون ديوان المحاسبات، وإلغاء المرسوم /207/ لعام 1952 ونصّ بالمادة الأولى (ديوان المحاسبات هيئة عليا مستقلة يقوم بعمله نيابة عن مجلس النواب ويرتبط به وبذلك أعطى القانون /230/ الديوان صفة هيئة رقابية عليا وصفة الاستقلالية وحدد عمله نيابة عن مجلس النواب).
• بعد الانفصال بعام 1961 أعيد ارتباط ديوان المحاسبات بمجلس النواب بدلاً من مجلس الأمة .
•و بتاريخ 19/7/1967، صدر المرسوم التشريعي رقم /93/ المتضمن إحداث الجهاز المركزي للرقابة المالية.
المرسوم التشريعي الذي اعتبر الجهاز المركزي للرقابة المالية هيئة تتبع وزير المالية ..
وبذلك فقد جعل المرسوم /93/ الرقابة على تنفيذ الموازنة العامة مرتبطة بذات الجهة التي وضعت أسس هذه الموازنة وتقديراتها الأولية / وزارة المالية . .
• بتاريخ 29/9/2003 صدر المرسوم التشريعي رقم /64/ المتضمن قانون الجهاز المركزي للرقابة المالية.
والمرسوم اتسم بمزايا عديدة أهمها:
1.تضمّن تكوين الجهاز المركزي وتشكيل المجلس الأعلى للرقابة المالية .
2.تم إعطاء الجهاز صفة الاستقلالية عندما عرف الجهاز المركزي بأنه هيئة رقابية مستقلة ترتبط برئيس مجلس الوزراء / بدلاً من وزير المالية / .
3.يتم تعيين رئيس الجهاز بمرسوم ويعامل معاملة الوزير .
4.منح الحصانة القضائية للمفتشين / العاملين الفنيين بالجهاز / .
5.نصّ صراحة على تولي الجهاز صلاحيات التحقيق في المخالفات المالية كافة وكذلك المخالفات الإدارية والاقتصادية والجزائية التي ينجم عنها آثار مالية والمكتشفة من قبله أثناء قيامه بأعمال رقابته أو المحالة إليه.
6.نصّ القانون صراحة على ممارسة الجهاز لرقابة الكفاية والأداء والتحقق من استخدام الموارد المالية قد تم بأعلى درجة من الكفاية دون إسراف أو ضياع وذلك إضافة إلى الرقابة على مشروعية التصرفات المالية، كما أعاد للجهاز دور الرقابة المسبقة على صكوك العاملين كافة.